يدعي الإلهية وهو بشر، ينافي جلال الرب وعظمته وكبريائه وتنزيهه عن النقص، فكان أمره عند الرب أحقر من أن يذكر وأصغر وأدحر من أن يجلي عن أمر دعواه ويحذر، ولكن انتصر الرسل لجناب الرب عز وجل فجلوا لأممهم عن أمره وحذروهم ما معه من الفتن المضلة والخوارق المنقضية المضلة، فاكتفى بإخبار الأنبياء، وتواتر ذلك، عن سيد ولد آدم إمام الأتقياء عن أن يذكر أمره الحقير بالنسبة إلى جلال الله في القرآن العظيم، ووكل بيان أمره إلى كل نبي كريم، فإن قلت: فقد ذكر فرعون في القرآن وقد ادعى ما أدعاه من الكذب والبهتان، فالجواب أن أمر فرعون قد انقضى وتبين كذبه لكل مؤمن وعاقل، وهذا أمر سيأتي وكائن، فيما يستقبل فتنةً واختباراً للعباد، فترك ذكره في القرآن احتقاراً له، وامتحاناً به». (١)
قلت: وهذا القول هو الأقرب إلى النفس والله أعلم، فهو أحقر وأذل من أن يذكره الله تعالى بصريح اسمه.
ووكل بيان كذبه ودجله إلى رسله عليهم الصلاة والسلام فبينه النبي - صلى الله عليه وسلم - أوضح بيان، وبين صفاته وما يجئ به، وبين كيفية الاعتصام والوقاية من شره ودجله.
[موقف الشيخ رشيد رضا من أحاديث الدجال]
يقول الشيخ رضا: «إن أحاديث الدجال مشكلة من وجوه:
(أحدها) ما ذكرناه آنفا من منافاتها لحكمة إنذار القرآن الناس بقرب الساعة وإتيانها بغتة.