للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(ثانيا) ما ذكر فيها من الخوارق التي تضاهي أكبر الآيات التي أيد الله بها أولى العزم من المرسلين أو تفوقها، وتعد شبهة عليها، كما قال بعض علماء الكلام، وعد بعض المحدثين ذلك من بدعتهم.

ومن المعلوم أن الله ما آتاهم هذه الآيات إلا لهداية خلقه، التي هي مقتضى سبق رحمته لغضبه، فكيف يؤتى الدجال أكبر الخوارق لفتنة السواد الأعظم من عباده؟ فإن من تلك الروايات أنه يظهر على الأرض كلها في أربعين يوما إلا مكة والمدينة، وقد روى أبو نعيم في الحلية عن حسان بن عطية (١) من ثقات التابعين أنه لا ينجو إلا اثنا عشر ألف رجل وسبعة آلاف امرأة (٢). وقال الحافظ وهذا لا يقال من قبل الرأي فيحتمل أن يكون مرفوعا أرسله، ويحتمل أن يكون أخذه عن بعض أهل الكتاب أ. هـ» (٣) وهو الصحيح المختار عندي.

(ثالثهما) وهو من متعلقات ما قبله أن ما عزي إليه من الخوارق مخالف لسنن الله تعالى في خلقه، وقد ثبت بنصوص القرآن القطعية أنه لا تبديل لسنته تعالى ولا تحويل. وهذه الروايات المضطربة المتعارضة لا تصلح لتخصيص هذه النصوص القطعية ولا لمعارضتها.

(رابعها) اشتمال بعض هذه الأحاديث على مخالفة بعض القطعيات


(١) حسان بن عطية المحاربي، مولاهم، أبو بكر الدمشقي، ثقة فقيه عابد، من الطبقة الرابعة، مات بعد العشرين ومائة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. (انظر تقريب التهذيب ١/ ١٦٢).
(٢) الحلية لأبي نعيم (٦/ ٧٧).
(٣) فتح الباري (١٣/ ٩٩).

<<  <   >  >>