للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: «فاعلم وفقنا الله وإياك أن هذا الحديث صحيح متفقٌ عليه، وقد طعنت فيه الملحده وتذرعت به لسخف عقولها وتلبيسها على أمثالها، إلى التشكيك في الشرع، وقد نزه الله الشرع والنبي - صلى الله عليه وسلم - عما يدخل في أمره لبساً، وإنما السحر مرضٌ من الأمراض وعارضٌ من العلل، يجوز عليه كأنواع الأمراض مما لا ينكر ولا يقدح في نبوته، وأما ما ورد أنه كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولا يفعله، فليس في هذا ما يدخل عليه داخلة في شيء من تبليغه أو شريعته، أو يقدح في صدقه؛ لقيام الدليل والإجماع على عصمته من هذا، وإنما هذا فيما يجوز طرُوُءه عليه في أمر دنياه التي لم يبعث بسببها ولا فضل من أجلها، وهو فيها عرضةٌ للآفات كسائر البشر، فغير بعيد أن يخيل إليه من أمورها مالا حقيقة له، ثم ينجلي عنه كما كان». (١)

[٧ - تقديمه العقل على النقل]

لعل من أكثر المأخذ على الشيخ رشيد رضا هو رده لكثير من الأحاديث الصحيحة، والتي غالبها في الصحيحين، لا لعلةٍ في سندها أو روايتها، بل لأنها تخالف العقل أو الحس، أو بدعوى وجود تعارض فيما بينها مما يوجب إسقاطها وعدم الاحتجاج بها، مما جعل الكثير من أهل العلم والباحثين يعيدون النظر في سلفيته، وذلك لأن تقديم العقل أو الحس على النقل هو من أقوال المعتزلة وغيرهم من الفرق الكلامية، وقد جرى بسبب هذا القول البدعي الكثير من المخالفات والبدع ورد للأحاديث الصحيحة.


(١) (الشفا بتعريف أحوال المصطفى) للقاضي عياض ابن موسى الأندلسي، تحقيق أمين قرة علي، طبع الوكالة العامة للنشر، مؤسسة علوم القرآن، ومكتبة دمشق، (٢/ ١٦٠).

<<  <   >  >>