للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثالثا: مخالفته جمهور المفسرين في تفسير بعض الآيات]

فقد كان لرشيد رضا في تفسيره آراء وأقوال خالف فيها آراء جمهور المفسرين، وقد كانت له آراء أيضاً لم يسبقه بالقول فيها أحد.

مثال ذلك مخالفته جمهور المفسرين في آية الوصية (١)، وهي قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (١٨٠)} (٢)

فجمهور المفسرين على أنها منسوخة، ويرى رشيد رضا أنها غير منسوخة، ثم يحاول بعد ذلك أن يضعف حديث «لا وصية لوارث»، بحجة أن الشيخين لم يروياه مسنداً لعدم ثقتهما به، وأن البخاري قد رواه مرفوعاً عن ابن عباس- رضي الله عنه -، وأنه لا يعقل أن ينسخ القرآن بالحديث.

ولا شك أن الصحيح هو ما ذهب إليه جمهور المفسرين بأن الآية منسوخة وأن حديث: «إن الله قد أعطى لكل ذي حقٍ حقه فلا وصية لوارث». (٣) حديثٌ صحيح تلقته الأمة بالقبول.

وأجمع جمهور الأئمة على صحته، يقول الشافعي رحمه الله: «وجدنا أهل الفتيا ومن حفظنا عنهم من أهل العلم من بالمغازي من قريش وغيرهم


(١) تفسير المنار (٢/ ١٣٧ - ١٤٠).
(٢) البقرة: ١٨٠.
(٣) رواه الترمذي في أبواب الوصايا، باب ما جاء لا وصية لوارث حديث (٢١٢)، وقال حديث حسن صحيح ورواه النسائي في السنن في كتاب الوصايا، باب إبطال الوصية للوارث ورواه ابن ماجه في كتاب لا وصية لوارث حديث (٢٧١٢)، ورواه الإمام أحمد في مسنده (٤/ ١٨٦، ١٨٧، ٢٣٨).

<<  <   >  >>