للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثال ذلك عند تفسير قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣)}. (١)

فبعد أن بين معنى الآية والمراد منها ذكر الحكمة من تشريع الصيام، حيث يقول: «ومن وجوه إعداد الصوم للتقوى أن الصائم عندما يجوع يتذكر من لا يجد قوتاً فيحمله التذكر على الرأفة والرحمة الداعيتين إلى البذل والصدقة، وقد وصف الله تعالى نبيه بأنه رؤوفٌ رحيم، ويرتضي لعباده المؤمنين ما ارتضاه لنبيه - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك أمرهم بالتأسي به ووصفهم بقوله: «رحماء بينهم» ومن فوائد الصيام الاجتماعية المساواة بين الأغنياء والفقراء والمملوك والسوقه، ومنها تعليم الأمة النظام في المعيشة، فجميع المسلمين يفطرون في وقتٍ واحد لا يتقدم أحد على أحد آخر دقيقه واحدة وقلما يتأخر عنه دقيقة واحدة، ومن فوائده الصحية أنه يفني المواد الراسبة في البدن ولا سيما أبدان المترفين أولي النهم وقليلي العمل، ويجفف الرطوبات الضارة، ويطهر الأمعاء من فساد الذرب والسموم التي تحدثها البطنة، ويذيب الشحم أو يحول دون كثرته في الجوف وهي شديدة الخطر على القلب، فهو كتضمير الخيل الذي يزيدها قوه على الكر والفر، قال - صلى الله عليه وسلم - «صوموا تصحو» رواه ابن السني وأبو نعيم في الطب عن أبي هريرة وأشار في الجامع الصغير إلى حسنه ويؤيده «أغزو تغنموا، وصوموا تصحوا وسافرو تستغنوا» رواه الطبراني في الأوسط عنه.

وقال بعض أطباء الأفرنج: إن صيام شهر واحد في السنة يذهب بالفضلات الميتة في البدن مدة سنة.


(١) البقرة ١٨٣.

<<  <   >  >>