للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أساس من الأسس التي قام عليها منهج المنار في تفسير آيات العقيدة.

فعند تفسير قوله تعالى (١): {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (١٦٣)} (٢)

قال الأستاذ الإمام: «نبههم سبحانه وتعالى إلى أن المنافع التي يرقبونها من شركهم إنما هي بيده الكريمة وحده، كأنه يقول: إذا أنتم تركتم ما أنتم فيه لأجله تعالى فهو بتفرده بالالوهية يكفيكم كل ضرر تخافونه، ويعطيكم برحمته الواسعة كل ما ترجونه، فإن بيده ملكوت كل شيء، وكل ما تعتمدون عليه من دونه فليس محلاً للاعتماد، بل اعتمادكم عليه من قبيل الشرك، فيجب أن تطرحوه جانباً، وتعتقدوا أن الإله الذي بيده أزمة المنافع والقادر على دفع المضار وإيقاعها هو واحد لا سلطان لأحد على إرادته، ولا مبدل لكلمته، ولا أوسع من رحمته، وإنما أكد أمر الوحدة هذا التأكيد تحذيراً من طرق الشرك الخفية، على أنها أساس الدين وأصله، ثم قال: أرأيت هذا الاتصال المحكم بين الآية وما قبلها؟ إن بعض المفسرين قد قطع عراه وفصمها وجعل الآية جواباً لقوم قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: انسب لنا ربك .. (٣)

فهو إن صح رواية لا يزيدنا بياناً في فهم الآية ولا يصح أن يجعل سبباً لنزولها، لا سيما بعد الذي علم من اتصالها بما قبلها كما يليق ببلاغة القرآن، ومثل هذا السبب


(١) ومن أمثلته أيضاً ما جاء في تفسير الآية رقم (٤٨) من سورة النساء، انظر تفسير المنار ٥/ ١٤٧. وأيضا ما جاء في تفسير آية (١٤٤) من سورة البقرة، انظر تفسير المنار ٢/ ١٠ - ١١، وانظر ١/ ٤٢٨ - ٤٢٩.
(٢) سورة البقرة آية ١٦٣.
(٣) انظر تفسير الجلالين ص ٣٣، وتفسير البيضاوي ص ٣٣، وتفسير أبي السعود ١/ ١٨٤، وتفسير الخازن ١/ ١٠١، وحاشية الصاوي على الجلالين ص ٧٣.

<<  <   >  >>