فكان يرد على شبه المستشرقين وافتراءاتهم على الإسلام تارة، ويكشف زيف افتراءات الكنيسة تارة أخرى، ويصحح العقائد المزلزلة في نفوس المستغربين تارة ثالثة، ويبين خطورة المذاهب الدخيلة والنحل الباطنية، كالبهائية والقاديانية وغيرهما، كل ذلك بأسلوب واضح، وحجة دامغه تتبختر اتضاحا، مضمنا ذلك كله الميزات التي يمتاز بها هذا الدين، فلقد رد على منكري الوحي عموما، وعلى الخصوص منكري الرسالة المحمدية، وبين أن الإسلام دين الفطرة والعقل، كما رد على منكري الجن، وهذا يدحض ما اتهم به من أنه أنكر وجودهم، وكذلك وضح سبق الإسلام في تحرير الرقيق والمرأة، وتكلم عن مقاصد القرآن في تربية النوع الإنساني، وأظهر عظمة القرآن في ما شرعة من نظم مالية وحربية وسياسية وغير ذلك. (١)
مثال ذلك رده على الذين يدعون أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أخذ من علماء النصارى في الشام بقوله:«ولو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - تلقى عن علماء النصارى في الشام شيئاً أو عاشرهم لنقل ذلك أتباعه الذين لم يتركوا شيئاً علم عنه أو قيل فيه ولو لم يثبت إلا ودونوه ووكلوا أمر صحته أو عدمها إلى إسناده، ولو وقع ما ذكر لاتخذه أعداؤه من كبار المشركين شبهة يحتجون بها على أن ما يدعيه من الوحي قد تعلمه في الشام من النصارى، فإنهم كانوا يوردون عليه ما هو أضعف وأسخف من هذه الشبهة، وهو أنه كان في مكة قين «حداد» رومي يصنع السيوف وغيرها، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقف عنده أحيانا يشاهد صنعته فاتهموه بأنه يتعلم منه، فرد الله عليهم بقوله {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ
(١) المفسرون مدارسهم ومناهجهم، د. فضل حسن عباس، صـ ١٣٠.