للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم يقول في آخره: «وجملة القول أن كلاً من الفريقين قصد تنزيه الله تعالى عما لا يليق به، ووصفه بالكمال الذي لا يعقل معنى الإلوهية الربوبية بدونه، فبالغ بعضهم في الإثبات وبعضهم في النفي والوسط بين ذلك وقول الرازي وأمثاله من غلاة الأشعرية في هذا المقام أبعد عن الصواب، وعن مذهب السلف.

ويمكن أن يستنبط من لوازم رأيهم، مثل ما استنبطوا من رأي خصومهم في التشنيع أو أشد، بل وجد من فعل ذلك والحق أن هذه ليست لوازم مقصودة لمذهب هؤلاء ولا هؤلاء، والجمهور على أن لازم المذهب ليس بمذهب ........... ». (١)

وكذلك عند تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (٤٠)} (٢)، حيث يقول: «وما أخطأ كثير من العلماء في فهم كثير من الآيات، إلا لذهولهم عن مقارنة الآيات المتناسبة بعضها ببعض، واستبدالهم بذلك تحكيم الاصطلاحات والقواعد التي وضعها علماء مذاهبهم، وإرجاء الآيات إليها وحملها عليها، فهذا يستشكل نفي الظلم عن الله عزوجل، لأن العبيد لا يستحقون عنده شيءً من الأجر، فيكون منعه أو النقص منه ظلماً، ثم يجيب عن ذلك بأنه بالنسبة إلى الوعد فهو قد وعد بإثابة المحسن، وأوعد بعقاب المسيء ثم جعلوا جواز تخلف الوعد أو الوعيد محل بحث وجدال أيضا، فهذا يقول إن إثابة المحسن وعقاب المسيء، أمر حسن في ذاته، وموافق للحكمة، فهو


(١) تفسير المنار (٨/ ٦٢).
(٢) سورة النساء، الآية ٤٠.

<<  <   >  >>