للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالعلامات والأمارات قد تكون بعيده عن قيام الساعة كبعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - وموته والتطاول في البنيان.

فلا تعارض إذن ولا منافاة بين وجود الأمارات، ومجيء الساعة بغته.

ثم إن هناك فرقا بين الساعة وأماراتها كما ورد في حديث جبريل عليه السلام، الذي ورد في الصحيحين عندما سأل جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الساعة فقال - صلى الله عليه وسلم -: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، فقال جبريل عليه السلام: فأخبرني عن أماراتها؟ أي عن أمارات الساعة ولا أظن أن الشيخ ينكره، ثم إن بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - من أعظم علامات الساعة، كما ذكر الشيخ من قبل، فلا ينافي هذا كون إتيان الساعة بغتة يقول الله تعالى: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا} (١) فأمارات الساعة إذا مما يستأنس به المؤمنون ويزيدهم إيماناً. (٢)

فالأمارات تجعل البشر يستعدون للساعة، وكأنها مقبلة الآن، فتكون حاضرة في وجدانهم، وإن لم تكن حاضرة في واقعهم، وتجعلهم يتوقعونها في كل آنٍ وحين مع جهلهم بوقتها. (٣)

فال القرطبي: «والحكمة في تقديم الأشراط ودلالة الناس عليها تنبيه الناس على رقدتهم، وحثهم على الاحتياط لأنفسهم بالتوبة والإنابة، كي لا يباغتوا بالحول بينهم وبين تدارك العوارض منهم، فينبغي للناس أن


(١) طه ١٥.
(٢) المفسرون مدارسهم ومناهجهم، فضل حسن عباس، صـ ١٨٤.
(٣) موقف المدرسة العقلية الحديثة من الحديث النبوي الشريف، شفيق شقير صـ ٢٩٧.

<<  <   >  >>