للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أليس هذا إقراراً من النبي - صلى الله عليه وسلم - بصدق ما قاله تميم الداري- رضي الله عنه -، وأنه - صلى الله عليه وسلم - ما ينطق عن الهوى، ولا يقر إلا على صواب! !

ثم أن ما ذكره الشيخ رشيد رضا بقوله: «أن ما قالوه في العصمة لا يدخل فيه هذا»، ويقصد فيه تصديق النبي - صلى الله عليه وسلم - للكاذب، ويقصد به تميم الداري- رضي الله عنه - وأرضاه، فهو استشكال باطل ولا قيمة له، والرد عليه لا يحتاج إطالة.

وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - معصوم في التبليغ والتحمل في أمور الدين وقد نقل الإجماع على هذا غير واحد. (١)

أما أمور الدنيا فيجوز عليه الخطأ فيها على المشهور كما في حادثه تأبير النخل. (٢)

والدجال والجساسة من أمور الغيب والدين، وليس من شؤون الدنيا قطعاً، فلماذا أخرجهما الشيخ رشيد رضا من خبر العصمة بقوله «إن ما قالوه في العصمة لا يدخل فيه هذا».

والجواب عن هذا التساؤل بكل بساطة، هو أن إخراج رشيد رضا لحديث الجساسة من خبر العصمة من أجل رده وعدم الأخذ به، لأنه لو قال


(١) انظر الفتاوي لابن تيمية (١٠/ ٢٨٩) وما بعدها ولوامع الأنوار البهية (٢/ ٣٠٤).
(٢) عندما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، كانوا يأبرون النخل (يلقحونه) فقال - صلى الله عليه وسلم - "ما أظن يغني ذلك شيء" فأخبروا بذلك فتركوه، فأخبر بذلك - صلى الله عليه وسلم - فقال "إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه، فإني أنما ظننتوا ظنن فلا تأخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيءً فخذوا به، فإني لن أكذب - أي أخطئ على الله عز وجل" صحيح مسلم - كتاب الفضائل - باب وجوب أمتثال ما قاله شرعاً دون ما ذكره - صلى الله عليه وسلم - من معايش الدنيا على سبيل الرأي.

<<  <   >  >>