ومن الجهل القبيح أن تؤل الفاظ الكتاب والسنة بمعان دخيله مستحدثة بعد مئات القرون، نعم أديان الله كلها أتت بالرحمة والمحبة والسلم. لكن دين الإسلام أكثر وأبرز وأظهر، ولم يؤمر عيسى بالجهاد لأنه بعث إلى شعب خاص بدين خاص به، ولم يكلف إبلاغ دينه إلى سائر الناس، وهذا بخلاف الإسلام فإنه لما كان دين العالم كله كان لا بد - بمقتضى تباين استعدادات أفراد الإنسان - أن تقف في طريقة عقول مريضة، ونفوس خبيثة، لا تصفى لمنطق البرهان، ولا تستجيب لدعوة الحق، وكان فرض الجهاد أمرا حتما لا معدل عنه في سبيل إبلاغ الدين إلى بعض العقول وبعض النفوس، والعقلاء متفقون على استساغة الدواء المر لاستئصال شأفة الداء، وقد يقتضي الحال قطع بعض الأعضاء في سبيل سلامة باقيها.
السادس: أن دعوى جمود اليهود على ظواهر ألفاظ التوراة دعوى تفتقر إلى دليل، ودون إثباته خرط القتاد، بل يمكننا أن نقول- مطمئنين- عكس ذلك وهو أن اليهود خرجوا على ظواهر ألفاظ التوراة، وتحايلوا في التخلص منها، وذلك كان سبب كفرهم وضلالهم، فقد أخبر الله عنهم أنهم يحرفون الكلم عن مواضعه، وذكر أشياء من تحريفاتهم وتحايلاتهم في مواضع من كتابه الكريم.
السابع: أن الأحاديث أخبرت أن عيسى يقتل الدجال، ويقاتل الناس على الإسلام، وروح عيسى وسر رسالته وتعاليمه ليس فيها قتل ولا قتال.
الثامن: أن النبي عليه الصلاة والسلام، أمرنا أن نبلغ سلامه إلى عيسى عليه الصلاة والسلام حين نزوله، ومحال عقلا تبليغ السلام إلى روح عيسى