للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالإسلام هو الذي حفظ لشعبنا شخصيته، بالرغم مما تعرض له، طوال عهود الانحطاط والاحتلال، من عوامل الفناء والاضمحلال؛ والإسلام، هو الذي جعله يعي ذاته؛ ويناضل من أجل حياة حرة كريمة، عندما وجد من يريه أن التمسك بإسلامه عن وعي وبصيرة، هو الكفيل بأن يغير أوضاعه من حال الضعف إلى القوة، ومن اليأس إلى الرجاء، ومن الركود إلى العمل، ومن الاضطهاد والهوان، إلى الحرية والكرامة؛ فإليك - أيها القارىء الكريم- تصوير الإمام ابن باديس لما كان لثورة الإصلاح الدينى من أثر بالغ في النفوس والعقول، أخرج الجزائر من سباتها الطويل، وما صاحَبه من شلل عام للطاقات، إلى نور الصحوة الدافعة إلى الانطلاق والحياة، إذ يقول، مخاطبا الشعب الجزائري في المؤتمر السنوي لجمعية العلماء، سنة ١٩٣٧م:

" ... حوربَت فيكم العروبة حتى ظُن أن قد مَات منكُم عِرقُها، ومسخ فيكُم نطقُها، فجئتم، بعدَ قرن، تصدحُ بلابلُكم بأشعَارهَا فتُثير الشعورَ والمشاعرَ، وتهدرُ خطباؤُكم بشقَاشقها، فتدك الحصونَ والمعاقلَ، ويهز كتَّابكم أقلامَها، فتصيبُ الكلىَ والمفاصلَ.

"وحورب فيكم الإسلامُ حتى ظُن أن قد طُمست أمامكم معالمُهُ وانتزُعت منكم عقائدُه ومكارمُه؛ فجئتم بعد قرن، ترفعون علَمَ التوحيد، وتَنشرون من الإِصلاح لواءَ التجديد، وتدعُون إلى الإسلام، كما جاء به محمد، صلى الله عليه وسلم، لا كماَ حرَّفَه الجاهلوُن وشوَّهَه الدَّجَّالون ورضيَهُ أعداؤُه.

"وحورب فيكم العِلمُ حتى ظُن أن قد رضيتم بالجهالَة، وأخْلدتم للنذَالة، ونسيتُم كلَّ علم إلا ما يرشحُ به لكم، أو ما يمزجُ بما هو أضرُّ من الجهل عليكم؛ فجئتم بعد قرن،

<<  <   >  >>