للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يبلغ إليها الآخر. ولما خفي وجه هذا على السائل لأن المعروف أن ثواب الكثير أكثر، بين له- صلى الله عليه وآله وسلم- أن هذا حيث يكون الدرهم بالنسبة لمال صاحبه كثيرا، فإن درهم ذى درهين هو شطر ماله، وتكون المائة ألف بالنسبة لمال صاحبها قليلة، فإنها لم تكن إلا من جانبه، وسلم أصله ومعظمه.

[توجيه]

الأجر على قدر المشقة، والثواب على قدر النصب وما يجده ذو الدرهمين من إنفاق أحدهما وهما كل ما يملك من المشقة والنصب أعظم مما يجده ذو المائة ألف وهي بعض ماله الكثير. وذو الدرهمين كان عنده من الإيمان واليقين ما أنفق به شطر ماله، فهو أعظم إيمانا ممن أنفق جزءا من مائة منه، وما عند ذى الدرهمين من خلق الإيثار والتضحية والبذل في سبيل الله أعظم بكثير مما عند ذى المائة ألف فهو أعظم منه أجرا وفضلا، فقد كان أعظم منه مشقة، وأقوى منه إيمانا، وأبلغ منه تضحية، وبذل جهد في سبيل الله وإيثارا. لا جرم كان أعظم منه فضلا واجرا.

[تبصرة]

يقعد الشيطان للقليل المال في طريق الإنفاق فيزهده فيه، ومن مداخله عليه أنه يحقر له ما ينفقه من قليل بأنه لا غناء فيه، فيقبض يده عن الصدقة بذلك القليل الذي يستطيعه فيفوته أجر كبير، فبصرنا نبينا- صلى الله عليه وآله وسلم- بالحقيقة وبين لنا أن ذلك القليل بالنسبة لمال صاحبه هو كثير، حتى أنه يسبق كثير غيره من أهل المال العظيم، ليشارك فقيرنا غنينا بقليله، فيكون من السابقين إلى الأجر الكثير.

<<  <   >  >>