للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المركز الذي هو فيه، والقدرة التي عنده، ولا يجوز لأحد وان كان أحقر حقير أن يخل بواجبه من ناحيته، فإنه إذا أزيل حجر صغير من بنيان كبير دخل فيه الخلل بمقدار ما أزيل، وإذا ابتدأ الخلل من الصغير تطرق للكبير.

ثم ألا ترى أصابعك وفيها القوي وفيها الضعيف، حتى إذا شبكتها صارت كشيء واحد له قوة ومتانة زائدة، وكل أصبع منها يمكن أن يلوى ما دام وحده، فإذا شبكتها عسر ليها وقوي أمرها، فكذلك المؤمنين (١) باتحادهم وفيهم القوي وفيهم الضعيف تكون لهم قوة عامة زائدة، وكل واحد منهم بمفرده يمكن قهره فأما إذا اتحدوا فإنهم يكونون بقوة اتحادهم في مأمن من كل قهر.

[تفقه]

لما قال -صلى الله عليه وآله وسلم-: (المؤمن للمؤمن .. الخ). علق الحكم على الوصف، فاقتضى ذلك أن هذا هو واجب كل مؤمن من حيث انه مؤمن مع كل مؤمن من حيث انه مؤمن، فيجب لهذا أن تطرح في مقام الاتحاد والتعاون جميع المفرقات من المذاهب والمشارب، وينظر إلى وصف الايمان فقط. فهذه المذاهب وهذه المشارب، أهلها كلهم أهل إيمان، لا يدفع بعضهم بعضا عن ذلك، والنبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قد أمرهم بالاتحاد والتعاون باعتبار الوصف الأصلي الذين هم مشتركون فيه، ليكون الاتحاد والتعاون في مكنتهم، دون التفات إلى ما أحدثوه من مفرقاتهم، فمن تعامى عن وصف الايمان الموجب للاتحاد ونظر إلى مذهب أو مشرب من موجبات الافتراق فقد عصى أبا القاسم- صلى الله عليه وآله وسلم-


(١) كذا في الأصل، والصواب: المؤمن.

<<  <   >  >>