يكون قد عدل بين أصول الحياة البدنية الثلاث طعامه وشرابه ونفسه، فأعطى لكل واحد الثلث من بطنه.
غير أن الإنسان إذا كان هكذا تغلبه الشهوة، وتقوده اللذة، فإنه بمظنة أن يتجاوز- ولو في بعض الأحيان- العدل إلى الامتلاء. فشرع له الصوم ليقاوم شر ذلك بما فيه من راحة للمعدة ونقاء، وتربية على امتلاك زمام نفسه عن الشهوات والملذات، وعلى استطاعة حملها على الجوع والعطش عند الاقتضاء. هذا للمعتدل وللمالئي للبطن الملوك للشهوة بالأحرى والأولى. أما ذاك المقتصر على الأكلات فهو له
زيادة في القوة ورسوخ لما تمكن منه من العادة المشروعة الحسنة.
فالصوم ضرورة لنظام الغذاء وحفظ الصحة البدنية وعون للإنسان على حسن استعماله لآلته الترابية الأرضية للترقي إلى آفاقه الروحية النورانية وكمالاته العلوية.
فالحمد لله الذي شرع لنا الصيام وفرض علينا رمضان ووفقنا إلى القيام به في كل عام.
نسئله المزيد إنه الحميد المجيد.
[ليس الخبز كل ما نريد]
نحن- المسلمين- ربينا تربية إسلامية على إلفة الجوع، والتقلل من الأكل والاقتصار على قدر الحاجة، والمواساة في المطعم والمشرب. فطعام الواحد عندنا يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الأربعة وطعام الثلاثة يكفي الستة وطعام الأربعة يكفي الثمانية ونعتقد عن تجربة أن الرجل لا يهلك عن نصف قوته.