للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من كل ما يعدو عليه، وان يستصفي له من الآراء والأعمال والأقوال أبلغ ما يقدر عليه، فإذا قصر في شيء من هذا فقد غش رعيته بما يدخله عليها من الضرر في ولايته عليها، وارتكب بذلك الكبيرة التي توعد عليها بالنار.

[توجيه]

لما كانت أعظم الرعايات رعاية أمر العامة بالأمرة والولاية، حدث

معقل بن يسار بهذا الحديث عبيد الله بن زياد لأنه كان أميرا لمصر عظيم، فيكون من أول من يشمله عموم لفظ: «ما من أحد». وهذا هو وجه تخريج مسلم لهذا الحديث في كتاب الامارة، وأما اللفط فهو على عمومه.

[الوعيد: معناه، وشرطه، وعمومه]

توعد الله على لسان نبيه- صلى الله عليه وآله وسلم- الراعي الغاش بتحريم الجنة عليه، والتحريم هو المنع، ويكون موقتا موقوتا ويكون مؤبدا، فإن مات الغاش مستحلا للغش أو عوقب على إصراره بسوء الخاتمة -عياذا بالله- فتحريمها عليه مؤبد، وإن مات مسلما مصرا فتحريمها عليه مؤقت، يدخل النار بغشه ثم يخرج منها بما في قلبه من إيمان: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.

وهذا المعنى -على تفصيله- عام بحسب صريح لفظه، لكل راع غاش واقتضى قوله - صلى الله عليه وآله وسلم- في الحديث: «يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته» أن هذا الوعيد فيمن مات مصراً ولم يتب، فأما من تاب ولم يمت يوم مات على غشه فليس داخلا في هذا الوعيد.

<<  <   >  >>