للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تعليق]

صدق رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- فقد وقع الاختلاف، وقد دعونا الناس إلى المخرج، وهو كتاب الله، وسنة رسوله المبينة له، فقال المعاندون ما قالوا، إلا من كان يؤمن بأن محمدا رسول الله فليمتثل إرشاده، وقد أرشدنا إلى المخرج من هذا الاختلاف، فلنعمل بإرشاده، وهدانا إلى طريق الحق عند الالتباس فلنهتد. وقد وصف الله كتابه بقوله: {هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}. فهو هدى بين واضح، لا يلتبس على مريد الحق التماس الهدى منه. وإذا كانت طباعنا العربية وسلائقنا في فهم لسان العرب قد حالت وفسدت وصعب علينا أو تعذر فهم كلام ربنا، فإن في تعلم اللغة العربية وعلومها ما يجعل لنا سلائق مكتسبة، وأن فيما كتبه أئمة التفسير قبلنا ما يجبر نقص السليقة الكسبية عن السليقة الفطرية.

وقد أوصل الجهل بكتاب الله بعض أدعياء العلم إلى أن جعلوا الدعوة إلى توحيد الله ونبذ ضروب الشرك طريقة خاصة بابن تيمية على معنى أنها بدعة حصلت بعد انعقاد الاجماع، فمن سلك هذه الطريقة فقد عرض دينه للخطر، ولو نظروا في كتاب الله وتأملوه لوجدوا جل آياته دعوة إلى التوحيد ونبذ الشرك.

وإذا ذكرت لهم هذا قالوا: تلك آيات نزلت في مشركي مكة، فكيف تطبقونها على من يشهد الشهادتين؟ وهذا نوع آخر من جهالاتهم وتلبيس إبليس عليهم، فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وقد قال الله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}. قال المفسرون: معناه من بلغه القرآن، فتخصيص انذاره بمشركي مكة تعطيل للقرآن. قال الغزالى في الإحياء: "وينبغى للتالى أن يقدر أنه المقصود بكل خطاب في

<<  <   >  >>