للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك باليأس والجرأة والاستهانة بقتل النفس. ولكنه بقي مع ذلك يطمع أن يجد عند غيره سبيلا، فدل على عالم فأفتاه بإمكان التوبة مستدلا بأنه لا شيء يحول بينه وبينها، وأشار عليه بمفارقة أرضة التي ضري فيها على الجنايات فإنها كانت أرض سوء عليه، وأمره أن يذهب إلى أخرى بها قوم صالحون يعبدون الله ويسيرون بطاعته فيصاحبهم ويعبد الله معهم لإصلاح نفسه بمعاشرة الصالحين وتحقيق توبته بالعمل الصالح معهم، فذهب الرجل على هذه النية وأدركه الموت قبل أن يصل إلى تلك الأرض، واختصمت فيه ملائكة الرحمة وحجتهم نيته التي خرج عليها، وملائكة العذاب وحجتهم أنه لم يعمل عملا صالحا، فكان القضاء لملائكة الرحمة تغليبا لجانب القصد والنية وتأيدت النية بجده في السير إلى الأرض التي قصد حتى كان أقرب إليها من الأرض التي خرج منها.

[الأحكام]

في الحديث لزوم السؤال للجهال. وفيه أن أهل العلم هم الذين يسألون عنه لا غيرهم وإن كان أكثر عبادة، ولذا قال مالك رحمه الله: (لا يؤخذ العلم عن أربعة: سفيه معلن السفه، وصاحب هوى يدعو إليه، ورجل معروف بالكذب في حديث الناس وإن كان لا يكذب على الرسول عليه وآله الصلاة والسلام، ورجل له فضل وصلاح لا يعرف ما يحدث به)، ذكره ابن عبد البر في جامع العلم. وفيه صحة توبة القاتل وهو مذهب جمهور السلف وهذا الحديث من أدلتهم.

[عبرة وتحذير]

العلم قبل العمل ومن دخل في العمل بغير علم لا يأمن على نفسه من الضلال ولا على عبادته من مداخل الفساد والاختلال، وربما

<<  <   >  >>