للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. قال: فيسقون. ومعنى الحديث أنهم كانوا يتوسلون بالنبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يدعو لهم في الاستسقاء ويودعون، ثم صاروا يتوسلون بالعباس فيدعو لهم ويدعون، فالتوسل هنا قطعا بدعائهما لا بذاتهما. ووجه الاستدلال بهذا الحديث على مرجوحية التوسل بالذات: أن الصحابة لم يقولوا في موقفهم ذلك: اللهم إنا نتوسل إليك بنبينا، أي بذاته ومقامه، بل عدلوا عن ذلك إلى التوسل بالعباس يدعو لهم ويدعون كما كان النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يفعل في الاستسقاء.

ولقد استدل بعضهم بعدول الصحابة عن التوسل بذات النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- في هذا المقام على منعه. ونحن لما بينا قبل من دليل جوازه إنما نستدل بعدولهم على مرجوحيته.

ـ[سؤال آخر]ـ: قد عرفنا فيما تقدم مشروعية سؤال المؤمن من أخيه المؤمن في حياته أن يدعو له، فهل يشرع الذهاب إلى القبر وطلب الدعاء من الميت!

ـ[جوابه]ـ: لو كان هذا جائزا لفعله الصحابة في الحديث المتقدم، ولذهبوا لقبر النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يسألونه أن يدعو لهم كما كان يدعو لهم في حياته، ولم يرد في حديث عن واحد منهم أنه كان يذهب إلى القبر النبوي ويطلب منه- صلى الله عليه وآله وسلم- أن يدعو له. بل جاء عن ابن عمر- وهو من عرف بشدة اتباعه وتحريه- أنه كان يقف فيسلم على النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-، ثم على أبي بكر، ثم على عمر رضي الله تعالى عنهما، ثم ينصرف، لا يزيد شيئا، خرجه مالك في الموطأ.

تلخيص وتحصيل: تحصل لنا من جميع ما تقدم:

١ - أن دعاء المخلوق وحده أو مع الله ممنوع.

٢ - وأن التوسل بدعائه في حياته -وهو من المؤمنين- مطلوب ومشروع.

<<  <   >  >>