الصحيح الصريح. وأما المالكية فقد قال يحيى إن يحيى راوي الموطأ: سمعت مالكا يقول في صيام ستة أيام بعد الفطر من رمضان أنه لم ير أحدا من أهل العلم والفقه يصومها، ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف، وأن أهل العلم يكرهون ذلك، ويخافون بدعته، وأن يلحق برمضان ما ليس منه أهل الجهالة والجفاء لو رأوا في ذلك رخصة عند أهل العلم ورأوهم يعملون بذلك. ا ه
والذي يظهر من عبارات مالك أن المكروه هو صوم ستة أيام متوالية بيوم الفطر كما يفهم من قوله:(في صيام ستة أيام بعد الفطر) ومن قوله (وأن يلحق برمضان ما ليس منه أهل الجهالة والجفاء) وإنما يخشى هذا الإلحاق إذا كانت متوالية ومتصلة بيوم الفطر. فالكراهة إذا عنده منصبة على صومها بهذه الصفة من التوالي والاتصال، لا على أصل صومها، وهذا هو التحقيق في مذهبه.
[فقه مالك واحتياطه]
انبنى فقه مالك واحتياطه على أصلين:
الأصل الأول- أن العبادة المقدرة لا يزاد عليها ولا ينقص منها وهو أصل عام في جميع العبادات. وفي خصوص الصيام قد ثبت نهيه -صلى الله عليه وسلم- أن يتقدم شهر رمضان بصيام يوم أو يومين، وظاهر أن وجه هذا النهي هو خوف أن يعد ذلك من رمضان. فحمى الشارع بهذا النهي العبادة من الزيادة في أولها. فبنى مالك- بسعة علمه وبعد نظره- على ذلك حمايتها من الزيادة في آخرها، فكره صوم تلك الأيام متوالية متصلة بيوم الفطر مخافة- كما قال- أن يلحق برمضان ما ليس منه أهل الجهالة والجفاء. فكان احتياطه في الأخير