للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأمر أنجشة بالرفق بهن لأنهن ضعيفات عن تحمل شدة الاضطراب فوق ظهور الإبل المسرعة.

[الفن]

إدراك صفات الشيء على ما هي عليه من حسن وقبح إدراكا صحيحا، والشعور بها كذلك شعورا صادقا. والتصوير لها تصويرا مطابقا، بالتعبير عنها بعبارات بليغة في الإبانة والمطابقة للحال، ذلك هو الفن الأدبي. والنفوس تميل إلى الحسن وتنشرح له، وتنفر من القبيح وتنقبض عنه، ولذا كان أكثر الفن الأدبي في تصوير الحسن وعرضه على الناس ليشاركوا الفنان في إدراك ذلك الحسن والشعور به والتذوق للذة، ذلك الإدراك والشعور، وفي ذلك تربية لملكة الذوق الحسن في النفوس. وأن النفوس لفي أشد الحاجة إلى تلك الملكة لتنعم بصور هذا الكون العظيم وما فيها من حسن فتقاوم بذلك ما تعانيه من متاعب الحياة وأوصابها وتدفع بلذة ذلك الشعور بالحسن ما تجده من آلامها، وإذا رجعت إلى القرآن العظيم فإنك تجد العدد العديد من آياته الكريمة يعرض علينا أنواعا من مخلوفات الله تعالى في صورها الحسنة الجذابة. واقرأ في ذلك- مثلا- سورة الرحمن فإنك واجد ما قلناه. وكذلك في الأحاديث النبوية عدد كثير من مثل ذلك، ومنها هذا الحديث الشريف الذي بين أيدينا، فقد صور النساء في صورة حسنة جذابة بما في القوارير من بياض ولمعان ودقة ولطف، مع التصوير لحقيقة حالهن في الضعف الخلقي وفي الضعف القلبي وسرعة انكسار قلوبهن وعسر انجبارها، فكانت هذه العبارة آية من آيات الفن الأدبي، التي تدخل على النفوس بهجة وانشراحا وتثير فيها حاسة الذوق للحسن والجمال. وقد القى كعب بن زهير قصيدته المشهورة في حضرة النبي- صلى الله عليه

<<  <   >  >>