الرجال في التكليف، ولا خلاف في أنه إذا اجتمع النساء والرجال، ورد الخطاب أو الخبر مذكرا على طريقة التغليب.
وتأمل قوله تعالى:{وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} وقوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} كيف نص في الثانية على الرجال لما كان الحال مقتضيا لهم وأطلق في الأولى فدل على أنه لا فرق بين أن يكون الكاتب رجلا أو امرأة وهو من أدلته مشروعية تعلم النساء الكتابة. وكل آية دعت للعلم، قد دعت للكتابة لأن الله قد بين لنا أنه علم بالقلم ليبين لنا أن القلم هو طريق العلم وآلة حفظه وتدوينه، وأقسم بالقلم تنويها بشأنه وجاء ذلك كله على الخطاب العام الشامل للنساء شموله للرجال، والعمومات إذا تكاثرت أفادت القطع ولهذا جعلنا هذا الطريق من الاستدلال أقوى من الاستدلال بالحديث الذي هو خبر آحاد وخبر الآحاد- من حيث ذاته- يفيد الظن وإن كان صحيحا. وحيث تواردت تلك العمومات وثبت هذا الحديث فقد بلغ الدليل بنصه وقطعيته غاية القوة والبيان.
[الاقتداء]
فاستنادا إلى هذه الأدلة، وسيراً على ما استفاض في تاريخ الأمة، من العالمات الكاتبات الكثيرات- علينا أن ننشر العلم بالقلم في أبنائنا وبناتنا، في رجالنا ونسائنا، على أساس ديننا وقوميتنا إلى أقصى ما يمكننا أن نصل إليه من العلم الذي هو تراث البشرية جمعاء، وثمار جهادها في أحقاب التاريخ المتطاولة. وبذلك نستحق أن نتبوأ منزلتنا اللائقة بنا والتي كانت لنا بين الأمم (١).
(١) ش: ج ٣، م ١٥ - ربيع الأول ١٣٥٨ه - أبريل ١٩٣٩م.