ودع للموطأ كل علم تريده ... فإن الموطأ الشمس والعلم كوكب
هو الأصل طاب الفرع منه لطيبه ... ولم لا يطيب الفرع والأصل طيب
هو العلم عند الله بعد كتابه ... وفيه لسان الصدق بالحق معرب
لقد أعربت آثاره ببيانها ... فليس لها في العالمين مكذب
هذه شذرات من كلام الأئمة نظما ونثرا في فضل الموطأ تبين لنا أنها أعظم كتاب في السنة الشريفة وأجل تراث خلفه لنا مالك - رضي الله عنه - وجزاه عن الإسلام خيرا. فخدمة هذا الكتاب خدمة لكتاب الله ونشر لهداية رسول الله وتعميم لما انطوى عليه من خيرات وأسرار بين المسلمين. وقد قام بهذا العمل الجليل وفاز بهذا الأجر الجزيل أستاذنا الجليل عبد الحميد بن باديس رعاه الله وجزاه بأحسن ما يجازى به عباده المخلصين.
[أسلوب الأستاذ الحكيم في التدريس]
الأساليب ثلاثة: أسلوب علمي، وأسلوب خطابى، وأسلوب أدبي، وأبرع الناس فصاحة وأقواهم عارضة وأبلغهم تأثيرا في النفوس وأشدهم أخذا بمجامع القلوب وأقدرهم استيلاء على العقول الجامحة والأهواء المستعصية. في رزق المقدرة على هذه الأنواع ووهب ملكة التمييز بينها والاقتدار عليها فكان أسلوبه في التدريس غير أسلوبه في الخطابة وأسلوبه فيهما غير أسلوبه في الأدب، ثم كان في كل واحد من الثلاثة أقدر على التعبير وأمهر في التصوير وأحذق في التقرير، فلا تعجزه عبارة ولا يفوته مراد.