للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الغثاء الذي كنا نحدث عنه. إن أجبناهم لم يفقهوا، وإن سكتنا عنهم وكلناهم إلى عيى شديد. والله لولا ما أخذ الله على العلماء في علمهم ما أنبأناهم بشيء أبدا) (١: ٦).

[تعليق]

الغثاء في الأصل ما يخالط زبد السيل من أعشاب وأوراق، والمراد به هنا أراذل الناس وسقطهم.

وقد أفاد الأثر أولا: أن علماء الدين المرشدين كانوا من قديم الزمان يعانون متاعب في الإرشاد، ويتحملون إذايات المفسدين، ويتلقون اعتراضات من أدعياء العلم المفتونين.

وثانيا: أن تلك المتاعب والإذايات والاعتراضات لا تسقط عن العالم فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا تنجيه من تبعة الكتمان الثابتة بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} وبقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من سُئل علماً عَلِمَه فكتمَهُ جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار» رواه ابن عبد الله في الجامع وأبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم البيهقى وغيرهم بروايات متحدة المعنى متقاربة الألفاظ.

وثالثا: أن العلم أمانة عند العلماء، وهم مكلفون بأدائها لمستحقيها، وليس العلم ملكا لهم يستغلونه فيكتمونه إن رأوا الكتمان أوفق بمصالحهم الشخصية وينشرون منه ما لا يصادم أهواء العامة، بل يزيدهم جاها لديهم. ولا أبخس صفقة ممن اشترى الحياة الدنيا بالآخرة.

<<  <   >  >>