للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أن اعتماد ابن باديس، الدين، أساسا للنهوض بالأمة، لم يكن منه، تزهيدا في السياسة؛ بل إنه يرى أن النضال من أجل الحرية والسيادة واحد، وإن تعددت مجالاته، وتنوعت أساليبه؛ فالدين والسياسة، عنده، متكاملان متلازمان، وقد كانت كل أعماله تؤكد ما قاله، في محاضرة بعنوان: "العلم والسياسة"، ألقاها بتونس، على جمعية الطلبة الجزائريين بالزيتونة- الذين يعدون وإخوانهم بالجامع الأخضر والقرويين والأزهر، من طلائع النهضة العلمية والوطنية كالجزائر- فقد قال:

" ... وكلامُنا اليومَ عن العِلمِ والسياسةِ معا. وقد يَرى بعضُهم أن هذا البابَ صعبُ الدُّخول، لأنهم تعوَّدوا من العلماء الاقتصارَ على العِلمِ والابتعاد عن مَسالِكِ السِّياسةِ، مع أنه لاَبدَّ من ابمع بين العِلْم والسياسةِ، ولا ينهضُ العلمُ والدينُ، كل النهوض، إلا إذا نهضتِ السياسةُ بجدٍّ!! " (٥).

وقد أكد عمق هذه النظرة إلى الإصلاح، وشموليتها في الوقت نفسه، محمد البشير الإبراهيمى، الذي قال، في خطبة بعنوان "الإصلاحُ الدينى لا يتمُّ إلا بالإصلاح الإجتماعي"، منددا بالدين يريدون أن يقتصر نشاط الجمعية على الدين وحده بمفهومه الضيق: " ... وياَ ويحَ الجَاهلينَ أيُريدُون من كلمة الإصلاح أن نقول للمسلم قل: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ مذعنًا طائعًا، وصلِّ لربّك أوَّاها خاشعًا، وصُمْ له مبتهلاً ضارعًا، وحُجَّ ييتَ الله أوَّابا راجعًا، ثم كن ما شئت


(٥) البصائر. السنة الثانية- العدد ٧١ - يونيو ١٩٣٧م.

<<  <   >  >>