للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا تكون وزادها من زادها نسيانا أو بيانا، ومنها لفظة "الآل" في حديث أبي مسعود فهي ثابتة في رواية من أثبتها وتحتمل السقوط على وجه النسيان في رواية من أسقطها، ويحتمل أنه كذلك سمع بدونها، وأن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- مرة ذكرها ومرة حذفها. ومنها زيادة عبدك ورسولك في حديث أبي سعيد وزيادة في العالمين في حديث ابن مسعود وذكر الأزواج والذرية بدون الآل في حديث أبي حميد، والظاهر في هذه أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- تنوع بيانه في المقامات فاختلفت الروايات وهي مختلفة غير متناقضة فتفيد المعاني المتغايرة غير المتضاربة وهي بهذا نظير اختلاف القراءات في صحيح الروايات.

هذا الذي ذكرناه من الروايات هو الصحيح المتفق على صحته وثبوته، ووراءها روايات ليست في درجتها رأينا الاكتفاء بالصحيح عنها. وقد قال الإمام الحافظ ابن العربي في تفسير سورة الأحزاب من أحكامه بعد ما ذكر ثماني روايات-: (من هذه الروايات صحيح ومنها سقيم، وأصحها ما روى مالك "حديث أبي حميد وحديث أبي مسعود فاعتمدوه". ورواية من روى غير مالك من زيادة الرحمة مع الصلاة وغيرها "غير الرحمة" لا يقوى. وإنما على الناس أن ينظروا في أديانهم نظرهم في أموالهم وهم لا يأخذون في البيع دينارا معينا وإنما يختارون السالم الطيب، كذلك في الدين لا يؤخذ من الروايات عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- إلا ما صح سنده لئلا يدخل في خبر الكذب على النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-. فبينما هو يطلب الفضل إذا به قد أصاب النقص، بل ربما أصاب الخسران المبين) (١).


(١) ج ٧، م ٥ - غرة ربيع الأول ١٣٤٨ه - أوت ١٩٢٩م.

<<  <   >  >>