للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طفولته وشبابه وكهولته كواحد من قومه في عيشته وكسبه وأميته. وإن كان ممتازا بينهم لخلقه وفضله حتى بعثه الله نبيا ورسولا بما يستحيل- وقد عرفوا طفولته وشبابه وكهولته- أن يكون شيء منه من عنده، ولذا أمره الله أن يحتج عليهم بقوله:

{قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}.

كان محمد- صلى الله عليه وآله وسلم- ميسرا من طفولته لما كان عليه اخوانه من الأنبياء والمرسلين- صلوات الله عليهم- قبله محفوظا مما حفظوا ملهما ما ألهموا وقد ألهم الله الأنبياء قبله لرعي الغنم وهي حيوان ضعيف تمرينا على القيام على الضعاف بالحلم والرفق والشفقة وحسن الرعاية باختيار مسارحها ودفع العوادي عنها ودوام تعهدها وذلك كله تهيئة لم إلى ما يوكل إليهم من سياسة أمتهم.

وقد ذكر هو- صلى الله عليه وآله وسلم- هذا العهد من طفولته وهذه العادة الربانية في مثله من إخوانه اعترافا بنعمة الله وتنبيها على ما في ذلك من الحكمة وما فيه من حسن القدوة فقال يوما لأصحابه: «ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم، فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة» رواه البخاري من طريق أبي هريرة- رضي الله عنهم- (١).


(١) ش: ج ٣، م ١١ - ربيع الأول ١٣٥٤ه - جوان ١٩٣٥م.

<<  <   >  >>