للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتعاونها ذلك التمدن الإسلامي العربي الذي أنار العالم شرقا وغربا، وكان السبب في نهضة الغرب والأساس لمدنية اليوم. وبذلك أيضا كانت الأمة العربية اليوم تجاوز السبعين مليونا عدا لا تخلو منهم قارة من قارات المعمور.

كون رسول الإنسانية ورجل القومية العريبة أمته هذا التكوين المحكم العظيم ووجهها لتقوم للإسلام والبشرية بذلك العمل الجليل. فلم يكونها لتستولي على الأمم، ولكن لتنقذهم من سلطة المتسولين باسم الملك أو باسم الدين. ولم يكونها لتستخدم الأمم في مصالحها، ولكن لتخدم الأمم في مصالحهم. ولم يكونها لتدوس كرامة الأمم وشرفها ولكن لتنهض بهم من دركات الجهل والذل والفساد، إلى درجات العز والصلاح والكرامة. وبالجملة: لم يكونهم لأنفسهم بل كونهم للبشرية جمعاء. فبحق قال فيهم الفيلسوف العظيم غوستاف لوبون: "لم يعرف التاريخ فاتحا أرحم من العرب"، نعم لأنهم فتحوا فتح هداية لا فتح استعمار، وجاءوا دعاة سعادة لا طغاة استعباد.

هذا هو رسول الإنسانية ورجل القومية العربية الذي كان له الفضل -بإذن الله- عليهما، ويشهد المنصفون من غير العرب وغير المسلمين له بهذا الفضل، ويتغنى العرب غير المسلمين بذكره. وكم دبجت أقلام الكتاب والشعراء من إخواننا نصارى العرب بالشرق من حلل البيان في الثناء عليه والإشادة بفضله.

هذا هو رسول الإنسانية ورجل الأمة العربية الذي نهتدي بهديه، ونخدم القومية العربية خدمته، ونوجهها توجيهه، ونحيا لها ونموت عليها، وإن جهل الجاهلون ... وخدع المخادوعون ... واضطرب المضطربون ...

<<  <   >  >>