للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يجري القياس، والمتبادر إلى الأذهان عند سماع اسم التفضيل هو الإسناد إلى الفاعل ولا يفهم الاسناد إلى المفعول إلا بقرينة.

وحمده الله الذي فاق فيه كل حامد لا يكون إلا عن إيمانه ومعرفته لكلمات الله وإنعاماته فيقتضي أنه فاق فيهما جميع الخلق. والايمان والمعرفة يقتضيان الطاعات الظاهرة والباطنة فيكون قد فاق في الطاعة جميع الخلق وبهذا كان الاسم متضمنا لأكمل الثناء عليه بأنه أكمل عبد لله علما وعملا.

وهذان الاسمان الشريفان مرتبان في التسمية بهما للخلق والأسبق منهما عند قوم وهم الأكثرون هو أحمد وهو الذي سماه الله به في الإنجيل كما في سورة الصف: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}. ثم محمد الذي سماه به جده توفيقا من الله وهو اسمه في القرآن العظيم كما في سورة الفتح: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}. فالسابق إذا هو أحمد. والذين يذهبون إلى هذا يقولون أن الترتيب بينهما في التسمية على حسب الترتيب الذي بين المقامين المدلولين لهما فإن المقام الأول هو مقام عبوديته وحمده لله، والمقام الثاني هو مقام كماله بأخلاقه وصفاته وأعماله. فهو قد حمد الله أكثر الحمد في مقام عبوديته فجازاه على ذلك بأن كان محمودا مكررا حمده في مقام كمالاته والجزاء من جنس العمل فهو ما كان محمدا حتى كان أحمد وهذا ترتيب ظاهر وجيه. ويكون وجه تقديم اسم محمد في هذا الحديث على هذا القول أنه أشهر أسمائه وأنه اسمه في القرآن العظيم.

وذهب قوم إلى أسبقية اسمه محمد، وأنه سمي به في التوراة، واستدلوا على هذا بأدلة، ونقلوا من التوراة نقولا، ووجه التقديم لاسم محمد على هذا القول أنه نظر إلى أنه يوجد على فطرة الكمال ويشب على الكمالات والأخلاق الفاضلة التي يتكرر

<<  <   >  >>