للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلينا إذ علمنا معنى اسمه العاقب وهو الخاتم أن نرد كل ما يحدثه المحدثون من زيادة في شريعته، ونعد كل من يأتي ذلك ويتظاهر بالإسلام دجالا من الدجاجلة، وقد أخبر النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أنه يكون بعده دجاجلة وكذابون وأولهم مسيلمة والمتنبؤون الكذبة فلا قول إلا قوله ولا هدى إلا هديه ولا إسلام إلا ما جاء به.

...

ها ان مالكا- رحمه الله تعالى ورضي عنه وجازاه عنا أحسن الجزاء - قد ختم كتابه الجليل بهذا الحديث الشريف المشتمل على هذه الأسماء النبوية الكريمة فهل هنالك من نكتة؟

إن هذا الموطأ هو أقدم كتاب لنا ألفه إمام عظيم من أتباع التابعين، وهو كتاب يعلمنا العلم والعمل، ويعرفنا كيف نفهم وكيف نستنبط وكيف نبني الفروع على الأصول، يعطينا هذا كله وأكثر منه بصريح بيانه وبأسلوب ترتيبه للأحاديث والآثار والمسائل. وإن شراح هذا الكتاب الجليل لم يوفوه حقه -في نظري القاصر- من هذه الناحية وهي من أعظم نواحيه.

ومما هو مشهور من ابتكار مالك في كتابه هذا الكتاب الجامع الذي ختم به الموطأ فإنه نظر إلى مسائل عديدة من أمهات الشريعة في العقائد والأخلاق والآداب والأحكام وغيرها فنظمها في سلك واحد وسماها بالكتاب الجامع، وهذه الأصول التي نظمها في هذا الباب بنى عليها من جاء بعده فروعا وعقد عليها أبوابا كالبخاري وغيره.

وإن مالكا لم يذكر في موطئه كتابا خاصا بالسيرة النبوية كما فصل ذلك غيره ممن جاء بعده، ولكنه ذكر أسماءه الشريفة- صلى الله عليه وآله وسلم- فكفاه، وذكر أسمائه متضمنا لسيرته- صلى الله عليه وآله وسلم- فكفاه في ذكر حياته- صلى الله عليه وآله وسلم- أن يذكر أسماءه.

<<  <   >  >>