للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن الشفوق تدفعه شفقته إلى المبالغة في العناية بتتبع الأدواء واستقصاء أنواع العلاج. بخلاف الزاري المحتقر فإنه يترفع بنفسه عن الناس ويتركهم فيما هم عليه، وإن باشر شيئا من معالجتهم فإنه يباشره من استثقال واشمئزاز لا يصل معهما إلى داء الأمة شيء من علاجه ولن يستطيع هو معهما صبرا على الاستمرار في عمله أو على إتقان القليل منه.

على أن الشفوق تشعر نفوس الأمة منه بتلك الشفقة فتقابله بمثلها وبالامتثال لما يأتيها منه لمعالجتها واثقة منه بنصحه منقادة لإرشاده راجية نيل الخير على يده، والزاري المحتقر تشعر منه الأمة بذلك فتقابله بمثله وتنقبض نفوسها عنه وتقوي ريبتها في قوله وفعله وقد تصارحه ببعضه فتؤدي الحال بينهما إلى العداوة والمقاطعة. ويكون خيرا له لو تركهم من أول الأمر وشأنهم.

ـ[وعلى الوجه الثاني]ـ على مرشدي المسلمين أن يعانوا أدواءهم بالعلاجات النافعة ويشخصوها لهم عند الحاجة بالعبارات الرقيقة المؤثرة، في رفق وهوادة مجتنبين كل ما فيه تقنيط أو تثبيط. وأن يعرفوهم بأنهم- وإن ساءت نواح من أحوالهم- فهنالك نواح ما تزال صالحة. وهنالك علاجات من الإسلام قريبة ناجعة، وأن يعرفوا ما فيهم من فضائل وما لهم من مجد، وما لهم بهذا الإسلام من قدر وعز ليثيروا فيهم النخوة ويبعثوهم على العمل والخير. وإذا ذكروا لهم سيئاتهم ذكروا لهم قرب السبيل إلى النجاة منها بالإقلاع عنها فيسرعون بالتوبة والإنابة.

<<  <   >  >>