للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والظاهر من أمر عائشة رضي اللَّه عنها أنها اعترضت بقولها "ما كلهن لها ذو محرم" الأخذ بظاهر الحديث.

ولذا فقد روى البخاري عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: "أذن عمر -رضي الله عنه- لأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- في آخر حجة حجها فبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف" (١).

وفي رواية عند غير البخاري "فكان عثمان يسير أمامهن وعبد الرحمن خلفهن" (٢)، وفي رواية أخرى "وكان عثمان ينادي: ألا لا يدنو أحد منهن ولا ينظر إليهن، وهن في الهوادج على الإبل، فإذا نزلن أنزلهن بصدر من الشِّعب فلم يصعد إليهن أحد، ونزل عثمان وعبد الرحمن بذنب الشعب" (٣).

قال الحافظ بن حجر: «استُدل به على جواز حج المرأة بغير محرم» (٤).

والذي فعلته عائشة وغيرها من أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- يحتمل أمرين:

أحدهما: أنهن عصين الأمر النبوي المحرِّم للسفر من غير محرم، وهذا فيه ما فيه حاشاهن من ذلك.

والثاني: أنهن تأولن الحديث كما تأوله غيرهن من العلماء بأن نظروا إلى علّة اصطحاب المحرم فإذا هي حصول الأمن، فرأوه كما يحصل بالمحرم يحصل بغيره، وعليه خصصوا عموم النهي القاضي باستغراق تحريم السفر كافة الأحوال بهذا التعليل فأخرجوا عن العموم حالة الأمن.


(١) ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، ج ٤، ص ٨٨.
(٢) المرجع السابق.
(٣) المرجع السابق.
(٤) انظر: ابن عبد البر، الاستذكار، ج ١٣، ص ٣٦٩.

<<  <   >  >>