الحنفية، لا اعتبار لها عند مشايخ سمرقند، فقال بعد نقله هذه الشروط عن الدبوسي:«ولكنّ أهل التحقيق من مشايخنا قالوا: إن ما ذكر لا يصلح أن يكون شرط صحة القياس، لأنه يمنع ثبوت حكم القياس فيمنع وجود القياس، ولا يُتصور وجود القياس مع هذه الشرائط»(١).
فبان من هذا الكلام أن الحنفية منقسمون في اعتبار هذه الشروط - ومنها شرط أن لا يُؤثّر تعليل النص على دلالته - إلى قسمين: فأهل العراق يعتبرونها، وأهل سمرقند لا يعتبرونها.
والذي أراه أن قول أهل سمرقند أقرب إلى التحقيق، وأصدق في تمثيل المذهب الحنفي من قول أهل العراق، وذلك لوفرة الفروع المنقولة عن أبي حنيفة وصاحبيه والتي تتضمن تأثيرًا لتعليل النص على دلالته، كما سيأتي بحث بعضها في المبحث الثالث من هذا الفصل. واللَّه أعلم.
المطلب الثالث
أقوال الأصوليين المحدثين
لم أجد للمحدثين من الأصوليين بحثًا خاصًا في تأثير تعليل النص على دلالته، وإنما تعرض لها بعضهم في ثنايا البحث في العرف أو المصلحة أو في شروط العلة أو في مسألة التعليل بشكل عام.
وفيما يلي استعراض لبعض أقوالهم على حسب ترتيب كتبهم في الظهور.
وأبدأ بالأستاذ محمد شلبي صاحب كتاب «تعليل الأحكام» إذ إنه قد أورد - كدليل على مشروعية تعليل الأحكام بشكل عام - مجموعة من اجتهادات