للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقولون: إذا برأ الدبر وعفا الأثر (١) وانسلخ صفر حلت العمرة لمن اعتمر فقدم رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لصبيحة رابعة مهلين بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عندهم، فقالوا: يا رسول اللَّه. أي الحلّ؟ قال: الحل كلّه" (٢)» (٣).

فإذا كان ذلك كذلك كانت هذه الواقعة من أكبر المثل على تأثر ظاهر النص بعلته المستفادة منه واللَّه أعلم.

[المثال الخامس: الغسل يوم الجمعة]

عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- قال: "غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم" (٤).

وعن ابن عمر رضي اللَّه عنهما أن رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل" (٥).

وقد أخذ بظاهر هذه الأحاديث جماعة من أهل العلم فأوجبوا الغسل يوم الجمعة (٦).

إلا أن ابن عباس رضي اللَّه عنهما - بما فقَّهههُ اللَّه في الدين وعلّمه التأويل - له رأي آخر بناه على التعليل، فقد رُوي عنه أنه "سئل عن غسل الجمعة أواجب هو؟


(١) إذا برأ الدبر أي إذا شفي ظهر الإبل من الدَّبر وهو ما كان يؤثِّر فيها من الحمل عليها ومشقة السفر، فإنه كان يبرأ بعد انصرافهم من الحج وعفا الأثر: أي اندرس أثر الإبل وغيرها في سيرها. انظر: ابن حجر، فتح الباري، ج ٣، ص ٤٩٨.
(٢) البخاري، الصحيح، حديث رقم (١٥٦٤) ومسلم، الصحيح حديث رقم (٢٩٩٩).
(٣) ابن الهمام، شرح فتح القدير، ج ٢، ص ٤٦٤.
(٤) البخاري، الصحيح، حديث رقم (٨٧٩).
(٥) البخاري، الصحيح، حديث رقم (٨٧٧).
(٦) انظر: ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، ج ٢، ص ٤٢٠.

<<  <   >  >>