للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني

أقوال أصوليي الحنفيّة

ذهب جمهور الحنفية - على خلاف ما هو منشود منهم - إلى القول بعدم جواز أن تؤثر علة النص على دلالته، وذلك على الرغم من وجود وفرة من الفروع الفقهية في مذهبهم تتضمن تأثيرًا لتعليل النص على دلالته؛ ولهذا السبب - وهو كثرة الفروع المتضمنة لتأثير تعليل النص على دلالته في مذهبهم - فإن الناظر في كتبهم يجد أنهم، بعد تقريرهم ما ذهبوا إليه، قد أوردوا كثيرًا من الفروع الفقهية التي انتُقدت عليهم لأنها تضمنت عود العلة على النص بالتأثير، وأخذوا في الإجابة عنها وتخريجها مخارجَ أخر في غالبها تكلّف، كما سيرد بيان شيء من ذلك في المبحث الثالث من هذا الفصل.

هذا، وقد سبق القول، أن الحنفية إذ يبحثون هذه المسألة فإنما يبحثونها عند الخوض في شروط القياس، وأقدم من وجدته يذكرها منهم: القاضي أبو زيد الدبوسي المتوفى سنة ٤٣٠ هـ.

قال السمرقندي: «ذكر القاضي الإمام أبو زيد رحمه اللَّه شروطًا أربعة لصحة القياس: …

الثالث: أن يبقى حكم النص بعد التعليل كما كان قبله من غير تغيير لأنه يصير التعليل مُبطلًا لحكم النص، مثاله ما قاله الشافعي رحمه اللَّه [منتقدًا إياه على الحنفية]: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "في خمس من الإبل شاة" (١) حكم النص وجوب دفع الشاة، ومتى جوّزنا التعليل لا يبقى حكم النص وهو وجوب


(١) البخاري، الصحيح، حديث رقم (١٤٥٤).

<<  <   >  >>