للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني

الثمرة الأصولية المترتبة على القول بتأثير تعليل النص على دلالته

سبق القول بأن التعليل: إما أن يقوي المعنى الظاهر، وإما أن يقوي المعنى المؤول. فإذا كان النص مشتركًا فهو قد يرجح أحد معانيه على الآخر.

فإذا قوّى التعليل المعنى الظاهر للنص فلذلك فائدتان:

الأولى: عصمة الظاهر من التأويل لاسيما إذا أفضى التعليل إلى جعل الظاهر «نصا» أي قاطعًا في الدلالة على معناه.

الثانية: عند تعارض ظاهرين أحدهما تأيد بالتعليل والآخر لم يتأيد يقدم الذي تأيد بالتعليل على الآخر.

وقريب في الدلالة على هذا قول إمام الحرمين في كتاب الترجيحات من البرهان: «إذا تعارض ظاهران وفي أحدهما ما يقتضي التعليل في صيغة التعميم فهو مرجّح على العام الذي عارضه وليس فيه اقتضاء التعليل والسبب فيه أن التعليل في صيغة العموم من أقوى الدلالات على ظهور قصد التعميم حتى ذهب ذاهبون إلى أنه نص ممتنع تخصيصه، فإن قُدِّر نصًا فلا شك في تقديمه على الظاهر المعرض للتأويل» (١).

وإذا قوى التعليل المعنى المؤول للنصّ أو رجَّح أحد معاني المشترك ففائدة ذلك عظيمة، وهي تكمن في الكشف عن مراد الشارع من النص وبالتالي تحديد الحكم الشرعي الملائم لإرادة الشارع هذه، وفي ذلك أمان من الخطأ في تقرير الأحكام الشرعية وأمان من الخطأ في اتباع ظاهر النص مع أنه ليس بمراد قال ابن برهان، رحمه اللَّه، في شأن «التأويل» «هو أنفع كتب الأصول وأجلها» (٢).


(١) إمام الحرمين، البرهان، ج ٢، ص ٧٧٧.
(٢) نقله عنه الزركشي، البحر المحيط، ج ٣، ص ٤٣٦.

<<  <   >  >>