للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الحافظ رحمه اللَّه: «قوله «قالت أم سلمة يا نبي اللَّه أتحب ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم أحدًا منهم» يحتمل أنها فهمت عن الصحابة أنه احتمل عندهم أن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرهم بالتحلل أخذًا بالرخصة في حقهم وأنه هو يستمر على الإحرام أخذًا بالعزيمة في حق نفسه، فأشارت عليه أن يتحلل لينتفي عنهم هذا الاحتمال وعَرف النبي صواب ما أشارت إليه ففعله فلما رأى الصحابة ذلك بادروا إلى فعل ما أمرهم به إذ لم يبقَ بعد ذلك غاية تنتظر» (١).

وفي إقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه على هذا الاجتهاد إذ إنه لم يوبخهم عليه ولم يعاقبهم أو يعاتبهم ولم ينقل عنه شيء من ذلك دليل على صحة «تأثير تعليل النص على دلالته» وجواز ذلك واللَّه أعلم.

[المثال الخامس: حديث إمامة أبي بكر وتأخره]

عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه-: "أن رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال: أتصلي للناس فأُقيم قال: نعم فصلى أبو بكر فجاء رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في الصف، فصفق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته، فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- فأشار إليه رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- أن امكث مكانك - وفي رواية "فأشار إليه يأمره أن يصلي" - فرفع أبو بكر -رضي الله عنه- يديه فحمد اللَّه على ما أمره به رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- من ذلك ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف، وتقدم رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- فصلى، فلما انصرف قال: يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟ فقال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم-: ما لي


(١) ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، ج ٥، ص ٤٠٩.

<<  <   >  >>