والثاني: لما في ذلك من إظهار الصلابة والشدة في الدين أمام أعين المشركين.
واللَّه أعلم.
[المثال السابع: حديث عمرو بن العاص في تيممه من الجنابة بحضور الماء]
عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- قال:"احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت أن أغتسل فأهلك، فتيممت، ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت: إني سمعت اللَّه يقول: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}[النساء: ٢٩]، فضحك رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- ولم يقل شيئًا"(١).
وجه «تأثير تعليل النص على دلالته» في هذه الواقعة: أن النص الذي جاء بمشروعية التيمم دلّ بظاهره على أن التيمم لا يشرع لواجد الماء إلا المريض، حيث قال تعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا … }[النساء: ٤٣]، فالآية تنص صراحة على أنه يشترط في صحة التيمم عدم وجود الماء {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}.
وعليه، فإنّ التيمم عند وجدان الماء - بناء على ظاهر النص - باطل بالاستناد إلى أمرين:
أحدهما: المفهوم المخالف للقيد {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} بحيث يصير المعنى فإن وجدتم ماءً فلا تتيمّموا.
(١) أبو داود، السنن، ج ١، ص ٩٢، قال الحافظ في الفتح [١/ ٥٤١]: إسناده قوي.