الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول اللَّه وآله ومن والاه، وبعد:
فهذا الكتاب، في أصله، رسالة علمية استكملتُ بها متطلبات درجة الماجستير في الفقه وأصوله من الجامعة الأردنية في العام (١٩٩٦ م - ١٤١٧ هـ)، أي قبل حوالي عشرين سنة من الآن. وقد سبق طبع هذا الكتاب طبعة وحيدة في العام ١٩٩٩ م - ١٤٢٠ هـ، طبعته دار المعالي، في العاصمة الأردنية عمّان. ونظرًا لتعثُّر دار النشر، وإغلاقها فيما بعد، فقد أخلَّت بالتزاماتها تجاه المؤلّف حتى أني لم أرَ أيَّ نسخة للمطبوع من الكتاب إلا قبل أشهر قليلة فقط عن طريق أحد الأصدقاء في جامعة قطر، كان قد اقتنى منه نسخة في أثناء دراسته في المملكة السعودية، فاستعرتها منه آملا إعادة نشر الكتاب نشرًا إلكترونيًّا موافقًا للمطبوع منه؛ ليعمّ الانتفاع به، ولألبّي طَلب كثيرٍ من أهل العلم وطلبته الذين ما فتئوا يسألونني نُسَخًا من الكتاب.
الكتاب ذو موضوع هام؛ لأنه يرسم معالم أصولية للعلاقة الجدلية بين العلة والنص، وهي علاقة شديدة الحساسية والتعقيد، وهو من أوائل الدراسات العلمية التي تناولت هذا الموضوع الدقيق. وما تلاه من دراسات، بعد ذلك، أفاد منه بطريق مباشرة أو غير مباشرة، مع العزو والإحالة أحيانا، ودونهما في أكثر الأحيان.
ورغم أن عشرين سنة مُدّةٌ كفيلة بوجود كثير من التطورات العلمية التي تستدعي إعادة النظر في مادة الكتاب وتطويرها وتحسينها، ولا سيّما مع بحوثي المعمّقة في جناحي الاجتهاد: النصّ والعلة ـ كالقرائن والنص، وتحقيق معنى العلة، وأهل الألفاظ وأهل المعاني، وإشكالية القطع عند الأصوليين، وفوائد تعليل الأحكام، وغيرها من البحوث ـ إلا أني اخترت ألا أفعل ذلك؛ وذلك لأنّ الكتاب أصبح شيئًا من «التاريخ» الذي ينبغي أن يُحافظ عليه، ولذلك أخرجتُه في هذه النسخة الإلكترونية موافقًا للمطبوع منه في أرقام صفحاته ومادته العلمية، اللَّهم إلا بعض التحسينات الشكلية، والتصحيحات الطفيفة، ولا سيّما للأخطاء الطباعية واللغوية.
واللَّه أسأل أن ينفع به، ويقبله مني، فهو أكرم مسؤول، وأعظم مجيب، وصلى اللَّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.