للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني

«أثر تعليل النص على دلالته» في اجتهادات الصحابة بعد العهد النبوي

بعد أن مضى النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى جوار ربه سلك الصحابة رضوان اللَّه عليهم في اجتهاداتهم ذات المسلك الذي سلكوه إبان حياته -صلى الله عليه وسلم- ولكن بشيء من التوسع في التعليل والرأي والنظر في مآلات الأفعال.

وقد حظيت اجتهادات الصحابة هذه - سواءٌ الطريقة التي تمت بها أو النتيجة التي وصلت إليها -باعتناء كبير من قِبَل الفقهاء والأصوليين.

فأما الفقهاء فأكثرهم على أن قول الصحابي حجة فيما لا يخالف الكتاب والسنة (١) ونسب ابن القيم هذا الرأي إلى الأئمة الأربعة وأطال في الاستدلال له في كتابه إعلام الموقعين (٢).

وقال الشاطبي رحمه اللَّه: «سنة الصحابة، رضي اللَّه عنهم، سنة يعمل عليها ويرجع إليها» (٣) وقال: «إن السلف والخلف من التابعين ومن بعدهم يهابون مخالفة الصحابة، ويتكثرون بموافقتهم، وأكثر ما تجد هذا المعنى في علوم الخلاف الدائر بين الأئمة المعتبرين، فتجدهم إذا عينوا مذاهبهم قووها بذكر من ذهب إليها من الصحابة، وما ذاك إلا لما اعتقدوا في أنفسهم وفي مخالفيهم من تعظيمهم، وقوة مآخذهم دون غيرهم وكِبَر شأنهم في الشريعة وأنهم مما يجب متابعتهم وتقليدهم» (٤).


(١) انظر: ابن القيم، إعلام الموقعين، ج ٤، ص ١١٨ - ١٥٦.
(٢) المرجع السابق.
(٣) الشاطبي، الموافقات، ج ٤، ص ٧٤ - ٧٧.
(٤) المرجع السابق.

<<  <   >  >>