للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الأول

أقوال أصوليي الشافعية والمالكية والحنابلة

قول الإمام الشافعي رحمه اللَّه:

بخلاف كثير من مسائل العلّة فإن هذه المسألة، مسألة تأثير تعليل النّص على دلالته، قديمة الوجود، حتى إن الإمام الشافعي رحمه اللَّه، أول الأصوليين، تعرّض لها، حيث منع - في ثنايا ردوده على الحنفية في بعض مسائل الفقه - من أن تؤثر العلّة على ظاهر النّص، قال إمام الحرمين:

«مما غلّظ الشافعي فيه القول على المؤولين كل ما يؤدي التأويل فيه إلى تعطيل اللفظ، وخرّج الشافعي على ذلك مسائل مستفادة، ونحن نرى أن نفردها مسألة مسألة (١)، ونبدأ الآن بالكلام على قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ … } [التوبة: ٦٠]. قال الشافعي: أضاف اللَّه تعالى الصدقات بلام الاستحقاق إلى أصناف موصوفين بأوصافٍ فرأى بعض الناس جواز الاقتصار على بعضهم ذاهبًا إلى أن المرعيَّ الحاجة، وهذا في التحقيق: تأسيس معنى يعطل تقييدات أمر اللَّه تعالى فلو كانت الحاجة هي المرعية لكان ذكرها أكمل وأشمل وأولى من الأقسام التي اقتضاها اللفظ ومقتضاها الضبط» (٢).

ومحل الاستشهاد في هذا الكلام هو قول الشافعي رحمه اللَّه: «وهذا في التحقيق تأسيس معنى يعطل تقييدات أمر اللَّه تعالى».


(١) سيأتي شرح وتوضيح بعض هذه المسائل في المبحث الثالث من هذا الفصل.
(٢) إمام الحرمين، البرهان، ج ٢، ص ٣٥٩، وليس كلام الشافعي هذا في الرسالة ولا في مظانه من كتاب الأم ولعله أشبه بأسلوب إمام الحرمين فيكون من نقله بالمعنى.

<<  <   >  >>