للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والخامس: أن لا يكون التعليل متضمّنا إبطال شيء من ألفاظ المنصوص» (١) ومثَّل للشرط الرابع بنحو ما مثّل به البزدوي من اجتهادات الشافعية، وأما الشرط الخامس، فمثاله - قال السرخسي -: «ما قاله علماؤنا: إنه لا يجوز قياس السباع سوى الخمس المؤذيات على الخمس بطريق التعليل في إباحة قتلها للمُحرم، وفي الحرم، لأن في النص قال عليه الصلاة والسلام: "خمس يُقتلن في الحلّ والحرم" (٢) وإذا تَعدى الحكم إلى محل آخر، يكون أكثر من خمس، فكان في هذا التعليل إبطالُ لفظٍ من ألفاظ النص، بخلاف حكم الربا فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقل: الربا في ستة أشياء ولكن ذكر حكم الربا في أشياء، فلا يكون في تعليل ذلك النص إبطال شيء من ألفاظ النص» (٣).

ولم يأتِ من هم بعد السرخسي والبزدوي، كصدر الشريعة (٤)، وعبد العزيز البخاري (٥)، وحتى ابن الهمام (٦)، وابن عبد الشكور (٧)، بشيء جديد في هذه المسألة، وإنما تابعوا فيها من قبلهم إلا أنهم انتقدوا التمثيل ببعض الفروع الفقهية ممن تقدمهم، وأحدثوا جوابات جديدة عما انتُقِد على مذهبهم من فروع تضمَّنت تأثيرًا لتعليل النص على دلالته.

غير أن علاء الدين السمرقندي - وهو أحد من أخذ عن البزدوي - جاء بجديد حيث كشف عن أنَّ هذه الشروط التي يشترطها أصوليو العراق من


(١) المرجع السابق، ج ٢، ص ١٥٠.
(٢) سيأتي تخريجه في المبحث التالي في المطلب الأول.
(٣) السرخسي، أصول السرخسي، ج ٢، ص ١٧٠.
(٤) انظر: صدر الشريعة، التوضيح، ج ٢، ص ٥٩ - ٦٢.
(٥) انظر: عبد العزيز البخاري، كشف الأسرار، ج ٣، ص ٣٣١ - ٣٤٤.
(٦) انظر: ابن الهمام، التحرير، ج ٣، ص ٢٦٩ - ٢٩٩.
(٧) انظر: ابن عبد الشكور، مسلّم الثبوت، ج ٢، ص ٢٥٧ - ٢٥٩.

<<  <   >  >>