للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقتفى كما هي رؤية غيرهم من الصحابة. والذي أوقفهم على هذا الاجتهاد ملاحظة علة الفعل وأنه كان لغاية خاصة ليست تعبدية.

وعليه فحاصل اجتهادهم في هذه الواقعة صرفٌ للفعل النبوي عن ظاهره من الندب إلى غيره من الإباحة بالتعليل.

ومثل هذا الاجتهاد اجتهاد عطاء بن أبي رباح (١)، رحمه اللَّه، في فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ وصل مكة ليلًا فبات بذات طوى حتى أصبح ثم دخلها نهارًا (٢).

فقال عطاء دفعًا لما أفتى به بعضهم من أن دخول مكة نهارًا سنة: "إن شئتم فادخلوا ليلًا، إنكم لستم كرسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- إنه كان إمامًا فأحب أن يدخلها نهارًا ليراه الناس" (٣).


(١) هو عطاء بن أسلم القرشي الفهدي، ولد في خلافة عثمان فأدرك مائتين من الصحابة فأخذ العلم عنهم حتى انتهت إليه فتوى أهل مكة قال ابن سعيد: سمعت بعض أهل العلم يقول: كان عطاء أسود أعور أفطس أشل أعرج ثم عمي بعد ذلك، وكان ثقة عالمًا فقيهًا كثير الحديث توفي سنة ١١٤ هـ‍، انظر: المزي، تهذيب الكمال، ج ٢، ص ٦٩.
(٢) البخاري، الصحيح، حديث رقم (١٧٦٩).
(٣) ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، ج ٣، ص ٥١٠.

<<  <   >  >>