للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: «وينبغي أن يُذكر هذا في مسألة النسخ بالقياس ويُسمى النسخ بالتعليل، فإنه تعليل للحكم بعلة توجب رفعه وتُسقط حكم الخطاب». ثم قال: «فإن كان الحكم مطلقًا فهل يجوز تعليله بعلة قد زالت لكن إذا عادت يعود؟ [وهذه هي مسألة تخصيص العموم الزماني للخطاب بالعلة] فهذا أحق من الأول [يعني النسخ بالتعليل] وفيه نظر … وهو خطاب مطلق أو معين أو فعل أو إقرار، فأما الفعل والإقرار فيقع هذا فيه كثيرًا إذ لا عموم له، وكذلك يقع في القضية التي في عين كثيرًا، لكنّ وقوعه في الخطاب العام فيه نظر» (١).

وحاصل هذا القول: أن ابن تيمية، رحمه اللَّه، يفرق بين النسخ بالتعليل، وبين تخصيص العموم الزماني به، بأن النسخ بالتعليل هو رفع الحكم مطلقًا لارتفاع العلة، وحتى لو عادت لا يعود، وأما التخصيص بها فهو وإن استلزم رفع الحكم بارتفاع العلة في زمن من الأزمان، إلا أنه يستلزم عوده إذا عادت هذه العلة.

وتخصيص العموم الزمني للنص بالعلة يجوز - في نظر ابن تيمية - في مواضع:

أولًا: إذا كان الخطاب فعلًا. ومثاله ما سبق بيانه من اجتهادات الصحابة في أفعال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحج كطوافه راكبًا ونزوله بالمحصب وغير ذلك.

ثانيًا: إذا كان الخطاب إقرارًا. وصورة ذلك أن يقر النبي -صلى الله عليه وسلم- فعلًا ما ثم يستنبط المجتهد علة لهذا الإقرار تقتضي تقييد جواز الفعل المقر بحال دون أخرى أو زمن دون آخر.


(١) آل تيمية، المسودة، ص ٢٢٧، ٢٢٨ مع حذف ما لا حاجة إليه.

<<  <   >  >>