للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"ما لنا وللرمل إنما كنا راءينا به المشركين وقد أهلكهم اللَّه" ثم قال: "شيء صنعه النبي (١) -صلى الله عليه وسلم- فلا نحب أن نتركه" (٢).

قال ابن حجر رحمه اللَّه: «إن عمر كان هم بترك الرمل في الطواف لأنه عرف سببه وقد انقضى فهم أن يتركه لفقد سببه، ثم رجع عن ذلك لاحتمال أن تكون له حكمة ما اطلع عليها فرأى أن الاتباع أولى من طريق المعنى، وأيضًا إن فاعل ذلك إذا فعله تذكر السبب الباعث على ذلك فيتذكر نعمة اللَّه على إعزاز الإسلام وأهله» (٣).

وقال العز بن عبد السلام رحمه اللَّه: «الأصل أن تزول الأحكام بزوال عللها» وذكر أمثلة لذلك ثم قال: «وقد شُرع الرمل في الطواف لإيهام المشركين قوة المؤمنين وقد زال ذلك والرمل مشرع إلى يوم الدين، ومثل هذا لا يُقاس عليه، لأن القياس فرع لفهم المعنى، ويجوز أن يقال: إنه -صلى الله عليه وسلم- رمل في حجة الوداع مع زوال السبب تذكيرًا لنعمة الأمن بعد الخوف لنشكر عليها فقد أمرنا اللَّه بذكر نِعَمَهُ في غير موضع من كتابه وما أمرنا بذكرها إلا لنشكرها» (٤).

وهذا الجواب الذي أفاده العز وابن حجر رحمهما اللَّه أولى مما أجاب به الأستاذ شلبي بقوله - بعد إيراد قول عمر -رضي الله عنه- في الرمل: - «ولعلك تلمس من أثر عمر هذا شيئًا يميز لك بين نوعين من الأحكام فكثيرًا ما نراه، رضي اللَّه عنه، يعلل تبعًا


(١) يعني - واللَّه أعلم - أنه صنعه في حجة الوداع وليس يومئذ في مكة مشرك كما ثبت ذلك في الصحيح، انظر: البخاري، الصحيح، حديث رقم (١٦٠٤).
(٢) البخاري، الصحيح، حديث رقم (١٦٠٥).
(٣) ابن حجر، فتح الباري، ج ٣، ص ٥٥١.
(٤) عز الدين بن عبد السلام، قواعد الأحكام في مصالح الأنام، مؤسسة الريان، بيروت، ١٤١٠ هـ، ج ٢، ص ١٩١.

<<  <   >  >>