للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والآخر: انتفاء هذا الحكم عن كل محل لا تتحقق فيه هذه العلّة.

وهذا ناشئ عما يعبر عنه الأصوليون بـ «انعكاس العلة» (١) أو «المفهوم المخالف للعلة» (٢).

فالمقتضى الأول موجب للحكم والمقتضى الآخر سالبٌ للحكم، وفيما يلي شرح لهذين المقتضيين بشيء من التفصيل:

أولًا: مقتضى اطراد العلة:

معناه: ثبوت حكم العلة في كل محل تتحقق فيه.

وبيان ذلك: أنه إذا تقرر أن حكمًا من الأحكام الشرعية ثبت في محل من المحال لعلة من العلل، كما لو قيل بتحريم قضاء القاضي حالة الغضب لما في ذلك من تشوش الفكر الحائل دون الإصابة في الحكم - فإنّ مقتضى اطراد العلة هذه - وهي تشوش الفكر - هو ثبوت حكمها، وهو في المثال التحريم، لجميع المحال التي تتحقق فيها هذه العلة.

فيحرم بناءً على هذا المقتضى القضاء حالة الألم المفرط، أو الجوع المفرط، أو النعاس المفرط، أو الحزن المفرط، وغير ذلك من المحال التي تتحقق فيها العلة.

الفرق بين مقتضى اطراد العلة وبين القياس:

فإن قيل: فما الفرق بين مقتضى اطراد العلة وبين القياس مع أنهما في النتيجة يشتركان في كونهما إلحاق واقعة مسكوت عنها بأخرى منصوص عليها إذا اشتركتا في العلّة المقتضية للحكم؟


(١) انظر: إمام الحرمين، البرهان، ج ٢، ص ٥٥١، والغرالي، المستصفى، ط ٢، ص ١٤٣، دار الكتب العلمية، بيروت، ج ٢، ص ٣٤٤، وسيشار له: الغزالي، المستصفى، والزركشي، البحر المحيط، ج ٥، ص ١٤٣.
(٢) انظر: الزركشي، البحر المحيط، ج ٤، ص ٣٦، وإمام الحرمين، البرهان، ج ٢، ص ٥٥٦.

<<  <   >  >>