للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وللحنفية أقوال وأجوبة أخرى لا تخلو من تكلف (١) ومنهم الأبياري شارح البرهان إذ قال - وهو من أحسن الناس قولًا في هذه المسألة -: «اللام في [الفقراء] إما أن تكون للتمليك أو للأهلية والانتفاع كالجلّ (٢) للفرس فإن كان المراد الملك صح ما قاله الشافعي وإلا فلا؛ لاشتراك الكل في الأهلية وصحة التصرف وهذا هو المختار، فيخرج الكلام [يعني الآية {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ … }] بهذا التقرير عن مراتب النصوص [ذات الدلالة القاطعة]، فإما أن نقول: إنه [معنى اللام] مشترك بين الجهتين مفتقر إلى البيان في الحالين فيكون كل واحد مفتقرًا إلى الدليل أو نسلّم ظهور ما قالوه فتخرج المسألة عن تعطيل النصوص وتكون من التأويلات المقبولة التي يحتاج من صار إليها إلى دليل يعضده» (٣).

ويظهر مما سبق كله أن الخلاف في هذه المسألة يتركز حول معنى اللام في الآية: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ … } [التوبة: ٦٠].

فإن قيل بأنها للتمليك اقتضى ذلك وجوب التشريك.

وإن قيل بأنها لبيان العاقبة أو للأهلية اقتضى ذلك جواز الاقتصار على بعض المصارف.

وإن قيل بأنها مشترك لفظي بينهما توقف الأمر في هذه المسألة على دليل خارجي.


(١) انظر: عبد العزيز البخاري، كشف الأسرار، ج ٣، ص ٣٣٩، ٣٤٠.
(٢) الجل: ما تغطى به الدابة لتصان، انظر: المعجم الوسيط، ج ١، ص ١٣٦.
(٣) نقله عنه الزركشي، البحر المحيط، ج ٣، ص ٤٥١.

<<  <   >  >>