للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثال لتوضيح مقتضى العلة طردًا وعكسًا في المسألة الواحدة:

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: ٩]. دلت هذه على تحريم البيع وقت النداء يوم الجمعة، وهذا الحكم مأخوذ من قوله تعالى: {وَذَرُوا الْبَيْعَ}.

وعلة هذا الحكم - كما هي لائحة من خلال السياق - هي أن البيع شاغل عن السعي المطلوب.

ولهذه العلة - بطردها وعكسها - مقتضيان: موجب وسالب، أما الموجب - وهو مقتضى اطراد العلة - فهو تحريم كل عمل تحققت فيه علة الإشغال عن السعي يوم الجمعة، فيدخل في هذا إجراء العقود كلها وقت النداء، كالإجارة والسَّلم والهبة والدين وحتى عقد النكاح.

بل يدخل فيه كذلك كل عمل هو في الأصل مباح لكنها تتحقق فيه علة الإشغال كالأكل والشرب واللعب وغير ذلك.

لا يقال: ويدخل الوضوء أو الاغتسال وقت النداء لأنه شاغل عن السعي.

لأنا نقول: إن الأمر بالشيء أمرٌ بلوازمه، فالأمر بالصلاة أمر بالوضوء، وعليه يكون الوضوء أو الغسل وقت النداء جزءًا من المأمور به بالنص نفسه.

فإن قيل: فهذا نقض للعلة إذ هي لم تستلزم حكمها في جميع محالّ تحققها.

<<  <   >  >>