للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظاهر الحديث يقتضي إخراج النبي -صلى الله عليه وسلم- عن حكم النص، وذلك لأن قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا استيقظ أحدكم" صريح في إضافة الحكم إلى المخاطَبين ولا يدخل فيه المخاطِب - وهو هو -صلى الله عليه وسلم- إلا بدليل.

والعلة بانعكاسها توافق الظاهر إذ هي تقتضي خروج النبي -صلى الله عليه وسلم- عن حكم الحديث لأنه -صلى الله عليه وسلم- ليس هو ممن «لا يدري أين باتت يده» إذا نام؛ لما ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- كانت تنام عيناه ولا ينام قلبه (١).

جملة القول في هذا المطلب

تعليل النص يعمل عمل «القرينة» المبيِّنة لمراد الشارع من النص، فإذا كان النص عامًا فإما أن تؤكد هذا العموم وإما أن تخصصه، وإذا كان مطلقًا فإما أن تؤكد هذا الإطلاق وإما أن تقيده، وإذا كان حقيقة فإما أن تؤكدها وإما أن تصرف النص عنها إلى المجاز، وإذا كان له مفهوم مخالف فإما أن تؤكد هذا المفهوم وإما أن تبطله.

وهكذا كل ظاهر للنص إما أن يؤكده التعليل وإما أن يصرف النص من الدلالة عليه إلى الدلالة على المعنى المؤول بغض النظر عن نوع التأويل ما دام احتماله قائمًا.

والفلسفة في امتلاك التعليل هذه القوة في التبيين: هي كون التعليل يحدث ظنًا دالًا على مراد الشارع من النص، فإذا اجتمع هذا الظن مع الظن الذي يحدثه ظاهر النص قواه، وإذا عارضه - وكان أقوى منه - صرفه إلى المعنى المؤول.


(١) البخاري، الصحيح، حديث رقم (٣٥٦٩).

<<  <   >  >>