وهذا الظن من اسمه ظاهر، أي قوي، لذلك فهو أول ظن يقع اعتبار المجتهد له.
الظن الثاني: ظن العلة، ومقتضى هذا الظن أن يثبت الحكم في جميع المحال التي تتحقق فيها العلة، وأن ينتفي عن جميع المحال التي لا تتحقق فيها.
وهذا الظن في القوة على درجات، وهو ثاني ظن يقع اعتبار المجتهد له، فإن انسجم واتفق هذا الظن مع ظن المعنى الظاهر في الدلالة على حكم ما قضى المجتهد بهذا الحكم واكتفى بذلك وإلا اضطر إلى النظر إلى:
الظن الثالث: وهو ظن المعنى المؤول، ومقتضى هذا الظن إجراء الحكم على وفقه، فإذا كان خاصًا خُصّص الحكم وإن كان ظاهر النص العموم، وإذا كان مقيدًا قُيّد الحكم وإن كان ظاهر النص الإطلاق وإذا كان مجازًا فهو المراد دون المعنى الحقيقي.
وهذا الظن - من حيث الأصل - ضعيف ولذا فهو آخر ما يقع اعتبار المجتهد له.
هذه هي الظنون الثلاث التي تتحصل لدى المجتهد عند نظره في نص شرعي قابل للتأويل.
فأما ظن المعنى الظاهر، وظن المعنى المؤول فهما ظنان متعاكسان متضادان إذا قوي أحدهما ضعف الآخر وإذا ضعف أحدهما قوي الآخر.
وأما ظن العلة فله مع ظنّيِ المعنى الظاهر والمؤول حالات ثلاث:
الأولى: أن لا يؤثر على كل من الظنين، وذلك كإذا لم تعرف علة النص بأن لم يوقف عليها بمسلك صحيح وفي هذه الحالة يحكم المجتهد بما يقتضيه ظاهر النص لأنه هو الظن الأقوى.